تُغلق بعبارة "قضاء وقدر".. 55 ألف حريق في العراق خلال ثلاث سنوات
"حريق الكوت" يحاصر المحافظ.. محاولات لإقالة الحليف السابق للصدريين
حريق الكوت يُشعل بركان الغضب.. تقصير حكومي يُزهق الأرواح ومطالبات بمحاسبة لا ترحم
موازنة العراق في مهبّ العجز.. اقتصاد ريعي على حافة الانهيار وغياب الإصلاح يفاقم الأزمة
بين نداء المرجعية ولهيب الاقتتال في الشام.. قصة وطن اختار الحياة على الموت المجاني
سجّل العراق، باستثناء إقليم كردستان، أكثر من 55 ألف حادثة حريق خلال السنوات الثلاث الماضية، خلّفت مئات الضحايا إلى جانب أضرار مادية كبيرة، في ظل تكرار الأسباب وضعف الإجراءات الوقائية.
حرائق مأساوية متكررة
من أبرز الحوادث التي شهدها العراق خلال السنوات الأخيرة، حريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد عام 2021، نتيجة انفجار أسطوانة أوكسجين في وحدة العناية المركزة لمرضى كورونا، وأسفر عن وفاة ما بين 82 و92 شخصاً، وإصابة أكثر من 110 آخرين.
وفي العام نفسه، اندلع حريق في مستشفى الإمام الحسين بمدينة الناصرية، داخل قسم عزل مرضى كورونا، بسبب تماس كهربائي ناتج عن كابلات تالفة، وأسفر عن مصرع 60 إلى 92 شخصاً.
كما سُجّل عام 2023 حريق قاعة أفراح في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى، أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة المئات، نتيجة استخدام ألعاب نارية واحتراق ألواح من مادة «الساندويتش بانل» سريعة الاشتعال.
وفي الموصل أيضاً، اندلع حريق كبير في مصنع الكبريت في قضاء القيارة عام 2023، واستمر نحو ثلاثة أسابيع، متسبباً بأكبر انبعاث لغاز ثاني أوكسيد الكبريت بواقع 21 ألف طن يومياً.
أما عام 2025، فسجّل حادث حريق في هايبرماركت بمدينة الكوت مركز محافظة واسط، أوقع ما بين 69 و77 ضحية، وخلّف 11 مفقوداً و43 جريحاً، ويعود السبب بحسب التحقيقات الأولية إلى انفجار وحدة تكييف داخل قسم العطور، وغياب مخارج الطوارئ، إضافة إلى استخدام مواد بناء قابلة للاشتعال.
أسباب الحوادث تقصير متكرر
تشير تقارير الدفاع المدني إلى أن أسباب الحرائق تتنوع بين أعطال كهربائية، واستخدام الألعاب النارية، ومواد بناء غير آمنة تُستخدم لرخص أسعارها، فضلاً عن حرائق متعمدة لأسباب عشائرية.
كما تؤكد التقارير غياب معايير السلامة في كثير من الأبنية التجارية، بما في ذلك أنظمة الإنذار ومخارج الطوارئ، وسط اتهامات بتهاون في إصدار التراخيص مقابل منافع مالية.
وأوصت مديرية الدفاع المدني في أكثر من مناسبة بحظر استخدام المواد سريعة الاشتعال، مثل ألواح الساندويتش بنل، وتشديد إجراءات السلامة في المولات والأسواق، وتدريب العاملين وتكثيف الرقابة القانونية على الهيئات المعنية بإصدار الرخص.
وقال مدير شعبة الإعلام في مديرية الدفاع المدني، نؤاس صباح، إن فرق الدفاع المدني تُجري كشفين سنويًا على المشاريع التجارية، الأول لتسجيل المخالفات، والثاني لمتابعة الإجراءات التصحيحية.
وأوضح صباح أن غالبية الحوادث تعود إلى ضعف الالتزام بمتطلبات السلامة، إلى جانب التماس الكهربائي الناجم عن تذبذب التيار وتعدد مصادره.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العقيد عباس البهادلي، إن جميع الحوادث تُحال إلى لجان تحقيق، مؤكداً عدم وجود مؤشرات على أن أياً من الحرائق في السنوات الأخيرة نجم عن فعل جنائي متعمد.
إلا أن عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، علي نعمة البنداوي، أكد أن التحقيقات غالباً ما تنتهي بعبارة «قضاء وقدر»، دون محاسبة واضحة، رغم وجود تقصير مؤكد في شروط السلامة والمعدات المستخدمة.
وأشار البنداوي إلى أن استخدام مواد سريعة الاشتعال وغياب مخارج الطوارئ يتكرر في معظم المشاريع، مطالباً بمنع استخدام تلك المواد وإلزام جميع الأبنية بتوفير مخارج طوارئ ومنظومات سلامة متكاملة.
من جانبها، دعت عضو لجنة الاستثمار النيابية، سوزان منصور، إلى إلزام جميع المشاريع الاستثمارية بتطبيق أنظمة السلامة ومتابعة تنفيذها من قبل هيئات الاستثمار المحلية والوطنية، محذرة من حصر المسؤولية على المستثمر فقط دون الجهات الرقابية.
وشددت منصور على ضرورة إجراء تدريبات دورية للزوار والعاملين في المنشآت التجارية للتعامل مع حالات الطوارئ.
من جهته، دعا رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي، إلى تشريع قانون خاص بمتطلبات السلامة العامة، يفرض التزامات واضحة على الجهات العامة والخاصة، ويعاقب المخالفين بالسجن والغرامات.